نصرة الاسلام


عزيزي الزائر... إذا لم تكن مسجل لدينا برجاء ان تشرفنا بتسجيلك معنا لمشاهدة كافة المواضيع
نرجو من الله جميعاً القبول







انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

نصرة الاسلام


عزيزي الزائر... إذا لم تكن مسجل لدينا برجاء ان تشرفنا بتسجيلك معنا لمشاهدة كافة المواضيع
نرجو من الله جميعاً القبول





نصرة الاسلام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجموعات Google
اشتراك في نصرة الاسلام
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة
        
     
  
     

 

                 
 


                               

 
 

 


    هل الحجاب في الإسلام يتضمن ستر وجه المرأة، أم لا؟

    محمد فؤاد
    محمد فؤاد
    مدير عام المنتديات
    مدير عام المنتديات


    ذكر السمك عدد الرسائل : 2266
    تاريخ الميلاد : 28/02/1971
    العمر : 53
    الدولة : مصر
    الحالة الاجتماعية : اعزب
    نقاط : 4995
    السٌّمعَة : 24
    تاريخ التسجيل : 06/06/2008

    GMT - 4 Hours هل الحجاب في الإسلام يتضمن ستر وجه المرأة، أم لا؟

    مُساهمة من طرف محمد فؤاد الأربعاء 06 يناير 2010, 8:00 pm

    هل الحجاب في الإسلام يتضمن ستر وجه المرأة، أم لا؟
    أصبح الحجاب في الإسلام في الآونة الأخيرة مثار بحث وجدل، يُسلط عليه الضوء في وسائل الإعلام، خاصة الغربية.
    وقد تداعت علينا (نحن المسلمين) كافة الأوساط الثقافية شرقاً وغرباً كما تداعى الأكَلَة إلى قصعتها ذماً وقدحاً واتهاماً بانتهاك حقوق المرأة، وأصدروا حكمهم الجائر (بأننا نحن معشر المسلمين) أعداء المرأة وطواغيتها، بل وإننا أمة ضحكت من جهلها وظلمها الأمم.
    ثم اتهمونا بأننا وضعنا المرأة في قمقم سيدنا سليمان وختمناه بختمه فحجَّبناها وحجبناها بحجابٍ شديد الخنق والعذاب، وبذا هبطت منزلتنا بنظرهم وتدنت مرتبتنا فكنا أمة رجعية هوت إنسانيتنا للحضيض.

    فما هو الحجاب في الإسلام؟

    هل هو الغطاء الساتر لشعر الرأس فقط ، أم الغطاء الكامل الساتر للجسم مع الوجه؟
    ما الحكمة منه؟ وما هي الأدلة القرآنية التي تنص عليه وتحدد طبيعته؟
    طيلة ثلاثة عشر قرناً ونصف ونساء المسلمين يرتدين الحجاب من أقصى آسيا جنوباً وشمالاً مروراً بالبلاد العربية بأسرها إلى بلاد المغرب عموماً.
    وأيضاً كانت نساء النصارى ترتدين الحجاب في البلاد العربية في الأزقة والأسواق حتى مطلع القرن العشرين.
    وفي بريطانيا العظمى فقد كان ستر الوجه سائداً، حتى أن النساء الأرستقراطيات كن يحضرن مسرح شكسبير وعلى وجوههن الستور ويجلسن في مقصورات مغلقة ليشاهدن روائع أدبيات شكسبير الاجتماعية.
    فمن أين مصدر الحجاب حتى شاع ودخل كل البيوت والتزمت به تلك الأمم لقرون طويلة؟

    فإليكم أيها السادة القراء نتوجه بهذه القضية الهامة، لنستمع إلى آرائكم ووجهات نظركم فيها ونتحاور معكم في أفكاركم، بغية الوصول إلى حقيقة الحجاب والحكمة المنطوية وراءه.
    قبل الدخول في بحث الحجاب نلقي نظرة سريعة على الزواج في المجتمع البشري وعلى الطريق الأخرى والتي هي الزنى .

    الزواج: هو واضع القواعد الاجتماعية الأولى لأنه مؤسس، الأسرة وهي كما نعلم الحلقة الأولى من حلقات المجتمع الكبير، وهو أيضاً وسيلة لإنشاء حياة جميلة يغمرها العطف والود، وإن نشوء البنين والبنات في الوسط العائلي يسقيهم العواطف الرقيقة منذ أيامهم الأولى وينمِّي فيهم المشاعر الودية التي تُعدّهم لحياة مقبلة تشيع فيها الرحمة والرأفة. ولولا الزواج لانقرض النوع الإنساني منذ أمد بعيد، فاتصال الحياة واستمرارها على هذه الأرض يقضي إذاً ازدهار الزواج وبقاءه.
    على أن الزنى يعمل عملاً عكسياً للغاية، فإنه باعث الفساد في المجتمع ومُشيع الفوضى ومبيد النسل. وإن الشاب يوم يندفع إلى الفاحشة إنما يمسك معولاً بكلتا يديه ويقوِّض به دعائم الأمة.
    هَبْ أنه اتصل عن هذا الطريق المنحرف بفتاة تصيَّدها، إنه سيقضي معها زمناً ولكنه سيملُّها عندما يرى مسحة جمالها تذوي بين يدي السنين ويهجرها إلى غيرها ويتركها على أبواب الهرم عرضة للشقاء والفاقة، وهي إذا استطاعت أن تجد عملاً تسد به رمقها، ماذا سيكون مصيرها إذا أمست عاجزة عن العمل؟ ما أشد قسوة تلك الحياة وما أكثر آلامها في حرمان من الزوج والأولاد.
    وإذا شئنا أن نعقِّب الشاب الأعزب في مستقبله بعد أن تعوَّد الزنى فإننا نجد أحد حالين:
    1ـ هجر الحياة الزوجية بأن يبقى طوال حياته مستمراً في هذه الطريق القبيحة فلا ينعم بأسرة ولا يُساهم في إحياء المجتمع، ويكون عرضة للأمراض المنبعثة عن هذه الحياة ومعولاً هدَّاماً لسعادة كل امرأة يتصل بها. فإذا انقضى الشباب وجاء المشيب لم يجد هذا العابث إلى جانبه ولداً معيناً ولا قريباً حبيباً، عندها يدخل في الأحزان ويكتوي بنار الشقاء في مساء حياته المظلم.
    2ـ أو أنه يسعى إلى الزواج يوم تبدأ نضارته نحو الذبول، إنه بعد عهد طويل قضاه في أحضان الغانيات لا غروَ إذا عزم الزواج أنه سينتقي حسناء ولكن هذه الغادة التي اختارها في مقتبل عمرها لن تكون سعيدة إلى جانبه وهو قد سلخ من العمر شوطاً كبيراً.
    إن زوجاً في الصبا والجمال لن تعجبها الحياة مع زوج في مساء الشباب، وسوف تمدّ عينها إلى رجال هم أوفر صحة وشباباً، فإذا هي بين عشية وضحاها تسير إلى الزنى وتجتذبها الهاوية، وستُنجب لزوجها الشرعي أولاداً غير شرعيين، فإذا مات الأب، قاسموا إخوتهم من أمهم ميراثهم وشاع الفساد في هذا البيت البائس المتصدع.
    هذا وإن كبحت تلك الزوج الشابة جماح شهوتها وصبّرت نفسها ولم تسلك طريق العهر فإنها تظل أمانيها في الكبت ونفسها في الحزن، وناهيك عن الدمار الذي سيصيب أطفال تلك الأسرة، إنهم يرثون عن الصلة العاطفية الواهية بين الأب والأم وهن التكوين كما سنفصِّل بعد قليل.
    وهكذا فلن تصفو للزاني والزانية حياة ولو دخلا في المستقبل في حياة زوجية شرعية، لذلك فستشيع في حياتهما السآمة والملل وتغمرهما الأحزان وتكوي قلوباً أفسدتها الرذيلة ولوثتها الجريمة.
    هذا هو مصير الزنى، فهو مسبب البؤس لدى الجنسين في مستقبل الحياة، وهو مضعف النسل أو مبيده وماحق الفضائل من آفاق الحياة وماحي السعادة من صفحاتها، إنّ العدوان على الأعراض يرافقه على الأغلب عدوان يشمل كل الشؤون الاجتماعية الأخرى. فكم من فرق شاسع بين نتائج الحياة الزوجية وحياة العهر والفحش. في الأولى تترعرع الفضائل وتنمو المشاعر الرقيقة وينشأ الجو المشبع بالتوادد والتعاطف، وفي الثانية تسيطر الغرائز ويتدنى الإنسان إلى مستوى الحيوان، تُغيِّبُ الغرائزُ العواطفَ الإنسانية العليا ومستقبل قاتم مقفر من عطف الأقرباء وعون الذرية.

    ما يقرِّره الواقع أشدّ تقرير:

    1ـ إن الغريزة الجنسية مركونة في كل كائن حي وإنها عرضة للإثارة عند معاينة الجمال والإطلاع على فتنة الجسم.
    2ـ إن الأخلاق إذا نمت وتكاملت لا تستطيع تدمير القوى الغريزية الجنسية، ولكن بإمكانها توجيهها نحو الخير، كذلك الأخلاق الكاملة لا تقوى على تبديل القوانين النفسية الراهنة.
    هذه الملاحظات سوف نشير إليها في الوقت المناسب أثناء انسياب الموضوع التالي:
    إن في السفور تدهور المجتمع نحو الرذيلة وفيه التفكك لروابط الحياة العائلية، وهو مسبب الضعف في تكوين النسل وزارع بذور الجفاء والخصام والقسوة في البيت وناشئته.
    وأخيراً إن السفور يبدِّد الرضا من نفوس الناس ويبعث سخطهم، وفي ظلال السخط لا ينمو إلا البؤس الإنساني والشقاء الاجتماعي وإليك الشرح والإيضاح:
    فلنبحث أولاً في آثار السفور في نفسية الشاب الأعزب والفتاة العزباء:
    مهما قيل في تأييد السفور من زخرف القول فإن الواقع مكذِّبه، يقولون إن الأخلاق إذا تكاملت وغدت متينة لدى الجنسين فإن السفور عندئذ لا يسبب التدهور والانحلال، أقول: إن الأخلاق إذا نمت وتكاملت لا تستطيع تدمير القوى الجنسية، فالشاب الظامئ حين تلوح له وجوه صبيحة وتتحدّث إليه نفوس ناعمة بأصوات شجية لا يمكنه إلا أن يصبو إلى الحسان ويشوقه الجمال الفتَّان، وهذه هي الخطوة الأولى نحو الزنى، وقل الأمر نفسه عن الفتاة الظامئة، إنها ستهفو بنفسها نحو رفيقها الشاب، وإذا لم نشأ الآن أن نأخذ بعين الاعتبار ما يقدِّمه الواقع من نماذج فاحشة لنتائج هذه الاتصالات الاجتماعية الأولى فحسبنا أن نقول: إن هذه الصِّلات تبعث القلق في النفوس وتوقظ الأرق، وأنَّى للناشئة أن تستمر في بناء المستقبل والإخلاص للعمل والدراسة والوظيفة بعد أن دبّ في المشاعر طيف الحياة الجنسية ونُصبت الحواجز وطُرق باب الغريزة ودعاها الداعي إلى أمر نكر.
    إن الغريزة عمياء لا تفرِّق بين خير وشر ولئن قوي عليها الفكر بعد أن أيقظتها رؤية الحسان وأوثقها في العقال فذلك هو الكبت وهو شر وأدهى، قوتان تتصارعان في ساحة النفس، قوة الغريزة الثائرة الجامحة وقوة الفكر المميزة الواعية. فإن غلبت الواعية فقد دخلت النفس في عذاب الكبت وظلَّت الثانية في السخط حتى تجد طعاماً وإن غلبت الأخرى فتلك الهاوية.

    إن مجتمعاً يذيع فيه السفور لا تعرف الطمأنينة سبيلاً إلى أفئدة شبابه، إذ عوامل الإثارة نشيطة والانفعال الجنسي هائج، ويُرى في هذه الأوساط حيث يشيع السفور والعزوبة أن نوع المزاح قد أصبح غريزياً للغاية، وأن الأحاديث التي تستحب للترفيه عن النفس إنما هي أحاديث متصلة بمعالم الاتصال الجنسي أو ما يدور حوله، كل ذلك سعياً وراء إرواء الظمأ الغريزي الذي ألهبته فاجعة السفور.

    وهل يستطيع أحد أن يعتقد أن اليد الإلهية التي صاغت هذا الكون الرحيب المكتظ بأعاجيب الخلق وعظمة التكوين، هل يُعتقد أنها هي صاغت هذه النفوس على هذه الحالة من الفساد الذريع والتدني الشديد؟ لا! إنها صاغتها طاهرة كريمة ولكن السبل التي سارت فيها أفسدتها، إن السفور يعرِّض الجنسين لفتنة النظر والنظرات تسوق إلى الحديث وتزرع فيه تعابير التودد والغزل وما بعد ذلك إلا ظمأ محروم يقود إلى السُّقيا من أحواض الدناءة والعهر.

    وقد آن لنا أن نرجع إلى طبقة المتزوجين لنبحث عن آثار السفور فيها:

    إن العُرى التي تربط بين قلوب الرجال وأزواجهم تأخذ في الانحلال شيئاً فشيئاً في المجتمع السافرة نساؤه.

    إن المتزوج وإن كان في شبع جنسي سوف تتطلع نفسه حين يرى نساء أوفر جمالاً من زوجته وأعذب حديثاً وأكثر رشاقة، وإن قويت أخلاقه على صيانته من الانحراف فإنها لن تقوى على منعه من التمني والتحسُّر، إنه سيتمنى زوجة كالتي تطلَّع إليها رشاقة وجمالاً، ويزيد التمني مع الأيام مع مزيد الإطلاع على السافرات الحسان، هنالك تنقلب تلك الأماني حسرات في نفسه ويغدو ساخطاً على حظه البائس، وقل الأمر نفسه على زوجته التي شاهدها الرجال وشاهدت الرجال، لا بدَّ أن تلقى رجلاً تتوافر فيه عناصر تميزه وترفعه فوق زوجها بمراتب التفوق من وجوه كثيرة، إنها ستخطو الخطوة الأولى والثانية وأقصد التمني والتحسُّر.

    لنركِّز الآن انتباهنا على تلك الأسرة سوف نرى ما يلي:

    1ـ فتوراً في المحبة بينهما، إذ قلب كل منهما متعلق بغير رفيقه ولا يرى فيه إلا صاحباً قضى الحظ العاثر برفقته مدى الحياة، إن في هذه الدنيا أزواجاً كثيرين هم خيرٌ من هذا الزوج وفيها نساء كثيرات هنَّ أوفر حسناً من هذه المرأة، هذه هي الفكرة الثابتة التي سترتكز في ذهن كل من الزوجين في مجتمع السفور، وهي تضعف ولا شك من الروابط الجنسية والزوجية.

    2ـ وقد دلّت الأبحاث العلمية على في نفوس الأبوين عند اللقاء.

    3ـ زد على ذلك إن أفول المحبة من سماء البيت يجعل الأولاد يترعرعون في وسط مقفر من الود وهذا ما ينعكس في نفوسهم الغضة ويغرس في قلوبهم أن هذا الفتور بين الرجل وزوجه ينعكس على الاتصال الجنسي أسوأ الانعكاس لأن فقدان المحبة المتأججة بين الزوجين يفضي إلى ضعف النسل ووهن في تكوينه الفيزيولوجي.

    وإن المحبة إذا نشطت وكانت مكينة تُنتج خيراً كثيراً ساعة الاتصال الغريزي، إذ لها أشد التأثير في إنجاب أولاد أقوياء الأبدان، سليمي التكوين والعكس صحيح جداً. وإن هذه العلل من الضعف في البنية والوهن في التكوين الفيزيولوجي التي تنتاب الأطفال كثيراً إنما هي موروثة من الآباء بسبب الجفاء المتركِّز وهم على عتبة الحياة بذور القسوة ويطبعها بطابع الخصام.

    4ـ وأخيراً إن السفور يبدِّد الرضى من نفوس الناس كما قلت ويبعث في قلوبهم السخط على الحظ والحياة وقد قيل: إن السعادة لا تتحقق في المجتمع إلا إذا توفر عنصر الرضى لدى أفراده، إذ النادب لحظه شقي ولو كان يتقلَّب في أحضان النعيم المادي، فلا شيء يبعث الهناء في الحياة كالرضا.

    وفي القرآن الكريم لا يوجد آية تأمر النساء بكشف وجوههن ، وإنما العكس تماماً فالأمر جاء من الله تعالى بستر سائر أنحاء الجسد والوجه كاملاً.

    والآن لنستمع إلى قوله تعالى وهو أعلم بقوانين العباد وسبل خيرهم وهو المحب الرحيم بهم يأمر بالحجاب ويبيِّن حكمته لنساء الرسول صلى الله عليه وسلم اللواتي هنَّ قدوةً لنساء المؤمنين ليتبعوهنَّ: {...وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فسألوهن مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ...} سورة الأحزاب (53).

    طالما على حد زعمهم يوجد كشف الوجه فأين الحجاب؟

    والحجاب باللغة: هو حجب الرؤية كليّاً وانعدام المشاهدة.

    وتوضح هذه الآية الإيضاح البيّن ذلك الحجاب، فلا ترتضيه إلا ساتراً لمحاسن المرأة كلها مما يشوق القلب ويلوثها بجرثوم الشهوات، ويبقى من المرأة حديثها الذي هو من وراء حجاب، قال تعالى:

    {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} سورة الأحزاب (32).

    فالحديث رغم الحجاب الساتر والحائل دون رؤية الوجه الحسن، يجب أن يكون جدِّياً للغاية حازماً لا يتطرق إليه وهن في اللهجة ولا نعومة في الصوت والعبارة ولا تطرُّف في الموضوع، وقد أمر تعالى النساء أن يظللن في بيوتهن لأن فيها عملهن الثمين المنتج ألا وهو تربية البنين والبنات وإعداد جيل للمستقبل صحيح في الجسم والعقل، ولكن إذا اضطررنَ إلى الخروج فقد وجب عليهن صيانة للأخلاق العامة ولسلامة قلوب الناس جميعاً أن يتأدبن بالشرع الآتي، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى...} سورة الأحزاب (33).

    وقد جاءت الآية الكريمة من سورة النور تصف لنا ذلك النظام الاجتماعي الكامل الذي رسمه تعالى للحياة المثلى على الأرض.
    {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة النور (30-31).

    ونرى من خلال هذه الآية آداب السير التي يجب أن تتحلَّى بها المرأة في الطريق. فالخمار: إنما هو الغطاء الساتر مأخوذة من خَمَرَ، بمعنى: غطّى وستر، ومنها الخمر والخمرة لأنها تغطي الوعي وتسد الفكر وتستره، وعلى ذلك فالآية تأمر بإسدال الخمار المغطي للوجه على الجيب وهو العنق البادي من فتحة الثوب وما يتصل به من أعالي الصدر، كل ذلك حرصاً على ستر الجمال الذي سمّاه تعالى زينة، إذ الجمال هو الزينة الطبيعية للنساء، والصبا كذلك. فمن كانت لديه جوهرة غالية باهظة الثمن فهو يَعْمَدُ إلى إخفائها عن أعين الناس واللصوص لكيلا تُسلب منه وليحفظ ويحافظ على جوهرة قلبه النفيسة، وهذا ما يكشف عن قيمة المرأة وشأنها في الإسلام.

    وقد وصف لنا تعالى حال المرأة المؤمنة في الجنة: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ}: تغض بصرها حياءً. { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ}: خاليات من الشوائب فهي مخبأة لا يراها إلا زوجها .
    فلئن كانت نساء الجنة محجبات عن الآخرين فكيف يجب أن تكون نساء الدنيا؟!!.

    ولقد سمَّى القرآن الكريم محاسن المرأة التي زيَّنها الله تعالى بها من جمال وجه وأعين وفم وأسنان وشعر وصبا وفتوة وشباب إلى غير ذلك من المفاتن زينة، وبما أن إظهار هذه المحاسن لغير الزوج أو الأب والأخ والابن ومن سواهم من المحارم الذين عدَّدتهم الآية الكريمة يكون سبباً في وقوع الفتنة والفساد في الأرض كالتحبيب بالزنا ويبعث الشقاق والكراهية بين الرجل وزوجه بعد أن رأى من هي أجمل منها وجهاً وأوقع في نفسه منزلة ومكانة. لذلك وقطعاً لدابر الفساد في الأرض وحرصاً على الأسرة وسعادتها ودرءاً لعوامل الانحلال والضعف من التسرُّب، أمر الإسلام بعدم إبداء هذه المحاسن لغير المحارم فقال تعالى:{..وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ..}

    وأمر تعالى المرأة الشابة أن تمشي مشية عادية لا يظهر معها في الطريق ما زينها الله تعالى به من فتوة وشباب فقال تعالى:{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة النور (31)
    وفي ختام هذه الآية سنة أخرى من سنن السير في الطريق يجب على المرأة أن تعمل بها، ذلك أن الله تعالى ينهى أن تضرب المرأة برجلها لئلا يهتز جسمها وتظهر علائم فتوتها وصباها من وراء الثوب الفضفاض الساتر والخمار المسدل الحاجب، إذ هذا الاهتزاز في الجسم مما يُثير الشوق الغريزي لدى الرجال ويحرِّك داعي الشهوة الراقدة. وهنالك الدليل القطعي على أن جسم المرأة كله فتنة والمرأة كلها عورة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الفتنة نائمة لعنَ اللهُ من أيقظها» الجامع الصغير (الرافعي عن أنس) رقم /600/.
    وفي رواية: «الفتنة لا نرضى بها».

    وهكذا فجميع محاسن المرأة التي زيَّنها الله تعالى بها والتي هي موضع فتنة الرجال إنما جمعها الله تعالى بكلمة واحدة فقال: [زِينَتَهُنَّ] ومنع من إبدائها بكلمة {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} حرصاً على سعادة المجتمع وسلامته.

    وإذا كان أناس يذهبون في تأويل هذه الآية مذاهب بعيدة عن المراد الإلهي فيقولون يجب على المرأة أن تخفي شعرها ولا تظهر إلا وجهها ويُسمُّون ذلك بالسفور الشرعي، فضلال ذلك التأويل ظاهر بيِّن، فإن الوجه والأعين قد تذهب بلبِّ الناظر وتأخذ بقلبه أكثر من الشعر، فمن الضروري والحالة هذه ستر الوجه مثل الشعر.

    وإذا كانوا يزعمون أن الزينة هي الصباغ والطلاءات التي توضع على الوجه فتكسبه حمرة وبريقاً فذلك أيضاً خطأ وليست الزينة المعنية في الآية الصباغ والطلاءات، لأنه قد تجتمع امرأتان، حسناء جميلة الوجه منحتها القدرة الإلهية من بريق الوجه واصطباغه بحمرة النشاط والحيوية ما يغنيها عن الطلاءات والأصباغ، وأخرى دميمة قبيحة صبغت وجهها بالأصباغ وأكسبته بريقاً بالطلاوات فما زاده ذلك إلا دمامة وقبحاً. فيا ترى أيهما يؤثِّر بالنظر إليها في قلب الناظر، الحسناء التي زيَّنها الله تعالى بجمالٍ من عنده، أم الدميمة التي زيَّنت وجهها بالأصباغ؟. وهل الزينة ما تُزيِّن المرأة نفسها، أم ما زيَّنها الله به من المحاسن؟.

    لا شك أن المعنى أضحى جلياً واضحاً، وكلمة [وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ] إنما يتعين معناها وينصرف قطعاً إلى ما زيَّن الله تعالى به المرأة من محاسن في الوجه والأعضاء مما يكون إظهاره موضعاً للفتنة وسبباً للفساد وما سوى ذلك لا تتأمَّن معه المصلحة ولا ينقطع دابر الفساد، وحاشا لله أن يأمر بأمر فيه مجال لمعترض أو مبعث لفساد.
    وإذا كان الله تعالى لم يسمح للمرأة على حسب الآية التي ذكرناها بأن تُبدي زينتها إلاَّ للنساء المؤمنات خوفاً من أن تنقل الكافرة التي لا أمانة لها محاسن المرأة إلى الرجال من غير المحارم وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى:
    {أَوْ نِسَائِهِنَّ}.فهل يجوز للمرأة ذاتها أن تُبدي وجهها لغير المحارم من الرجال؟.

    إن هذه المعاني جلية واضحة لا مجال فيها لأخذ ورد، لكن عدم تدبُّر الناس آيات الله جعلهم يقعون فيما وقعوا به من ضلال في الفهم، فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا وضلُّوا عن سبيل الله، ورسول الله  يقول:
    «أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلين» الجامع الصغير /ت/ 2563.

    وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} سورة الأحزاب (59).
    بهذا يتوضَّح الدليل القاطع أن وجه المرأة عورة لا يرضى الشرع بسفوره، إذ لو سمحت الآية هذه بكشف الوجه (لعُرِفْنَ) ولنقضنا هذه الآية الصريحة. هذه الآية شملت كافة نساء المؤمنين من القمة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات إلى كافة المؤمنات.

    فلو كشفن عن وجوههن لما وردت الآية الكريمة بهذه الصيغة {أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}، لأن السافرة عن وجهها معروفة حتماً.
    والرجال فيما مضى كانوا يضعون على رؤوسهم أثناء الخروج العمائم، وفي زمننا هذا يرتدي الرجال في بعض البلدان الإسلامية والقرى (الشال، أو الحطة، أو العقال) على رؤوسهم ولا تبدو إلا وجوههم، فهل معنى ذلك أنهم لا يُعرفون إلا قليلاً؟!
    فالمرأة الكاشفة لوجهها لا ينطبق عليها لفظ {أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}.
    وهذا واضح وضوح الشمس، وليس بعد كلام الخالق جل وعلا حق حتى نستمع لكلام غيره من المخلوقات، إذ لا جدال فيما نصَّ به صريح القرآن الكريم.

    وكذلك فإن النساء في كافة البلدان الإسلامية قاطبةً وفي الثلاثة عشرة قرناً المنصرمة كن يسترن وجوههن.
    فمن أشرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسمح بخروج النساء كاشفات عن أفتن ما فيهن، أي وجوههن. وهذه من خطوات الشيطان، إذ ستتبع ذلك خطوات في العراء حتى يصبحن كاسيات عاريات مائلات: للزنى ، كما في هذا الزمن. مميلات: لمن ينظر إليهن للزنى. فالعنوهن: ابتعدوا عنهن. لأنهن ملعونات: أي بعيدات عن الله، إذ اللعن هو البعد.

    قال تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً} سورة النساء (27).
    الحجاب هو الحجاب، فهو كالحصن المنيع إذا أحدثت فيه ثغرة سقط الحصن وانهار، وكذا إذا حدث في الحجاب ثغرة شديدة الإغراء والأشد من أي فتنة أخرى بالسماح بكشف الوجه، فقد سقط المجتمع في مهاوي الرذيلة والانحطاط، ولا نصر يرجى له أبداً ما دام سادراً في هذا الغي.


    حكم صلاة المرأة في المسجد

    وضح ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بياناً لا ريب فيه ولا اجتهاد ولا تأوّل للنصوص.
    إذ قالت أم حميد الأنصارية امرأة أبي حميد الساعدي بعد أن أسلمت وحسن إسلامها وأحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً قدسياً بالله، وأحبت صحبته النفسية والصلاة معه بقولها: «يا رسول اللّه إني أحب الصلاة معك "أي أنها تريد الصلاة معه في المسجد". فقال صلى الله عليه وسلم: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي. وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك... خير لك من صلاتك في مسجدي...» مسند الإمام أحمد (25842).
    فما كان من هذه المرأة الصادقة إلا أن أمرت فبُني لها مسجد في أقصى شيء في بيتها وأظلمه لتجمع نفسها بالكلية على الله بالصلاة، فكانت تصلي فيه حتى لقيت وجه الله عزوجل.
    وعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت، قال: النبي صلى الله عليه وسلم: «خير مساجد النساء قعر بيوتهن» رواه أحمد والبيهيقي والحاكم وغيرهم.
    إذن صلاة المرأة في بيتها (غرفتها الخاصة لكمال سترها) خير من صلاتها في صحن الدار، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها» رواه أبو داود والحاكم والبيهيقي والطبراني وغيرهم.
    والمخدع: هو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير يحفظ فيه الأمتعة النفيسة، من الخدع وهو إخفاء الشيء الثمين، إذن كلما كانت السترة أكبر للمرأة، كانت الصلاة أفضل.
    والمرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: [المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان] رواه الترمذي وابن حبان.
    أي استقبلها وزينها في نظر الرجال ليغويها ويغوي بها، وليوقع أحدهما بالفتنة فالهلاك... وما ذلك الحرص الشديد على ستر المرأة، إلا وأداً للفتنة التي تُحدثها المرأة بخروجها من بيتها (والفتنة لا نرضى بها)، «والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها» الجامع الصغير رقم (5975).

    كما قال صلى الله عليه وسلم والذي يؤكده قول الله تعالى:
    {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} سورة الأحزاب (33).
    {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} سورة الأحزاب (34). ولئن كان الخطاب لأمهات المؤمنين وهن القدوة المثلى فالخطاب يتضمن ضمناً نساء المؤمنين.

    وهناك قاعدة أصولية : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
    إذن أمر تعالى النساء أن يظللن في بيوتهن، يُقمن الصلاة ويؤتين الزكاة لأنفسهن، ويُطِعْن الله ورسوله، ويذكرن ما يتلى عليهن في بيوتهن (وليس في المساجد): من آيات الله والحكمة، ذلك شرع الله تعالى، فاستفت قلبك ولو أفتاك المفتون وأفتوك، كما قال الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، ونحن لا نسير إلا بكتاب الله وما سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فللرجال مجال وللنساء مجال آخر في دين الإسلام، ولا نرضى بأن تكون المساجد متاحف يختلط الرجال فيها بأم الدنيا (المرأة) فيتحول القلب عن الله وعن الصلاة الصحيحة وتخرب القلوب.

    إذ الدنيا والآخرة كالضرَّتان لا تجتمعان، فإذا اجتمعتا فقد قضينا على الدين من أصله، ولن نقبل بقول البشر عن قول الله العظيم، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون، وهو الذي أنزل الكتاب مفصلاً وتبياناً لكل شيء.

    أما حجابها في الصلاة:

    فلا تجوز صلاتها وشيء من جسمها مكشوف، ولا بد حتى تصح وجهتها أن يكون وجهها ويداها مكشوفان.
    ومن هنا ينبغي كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتباعد في غرفة داخل غرفة في بيتها... ولم يقل صلى الله عليه وسلم بكشف وجهها ويديها في الطريق، بل بالصلاة، والصلاة لا تكون بالأسواق كما أوَّلها الذين لا يعلمون.

    وما دون ذلك فهو ما يريده الذين يتبعون الشهوات لكم ولنا أي: الهلاك، وأن تميلوا عن جادة الحق والصواب ميلاً عظيماً، فكشف الوجه حرام، لأنه يزيل بذلك الحجاب، والله تعالى يقول في سورة الأحزاب (53): فخاطبوهن: {..مِن وَرَاء حِجَابٍ..}. إذ الحجاب هو ما يحجب الرؤية تماماً.

    أما عن لباس المرأة اللون الأبيض الساتر لجسمها وشعرها في الصلاة، فلكي تنحصر وجهتها إلى الله، فما يؤذي العين يؤذي النفس، فالمرأة بطبيعتها البشرية تختلف عن الرجل، فجمالها وشعرها وجسمها يفتنها ويحولها عن الصلاة، وهذا اللباس يذكرها بلباس الإحرام الذي هو تقليد للكفن عند الموت، فتطلق الدنيا وتخلع الفتن وتتوجه بصدق إلى بارئها.

    كشف وجه المرأة في الحج:

    عن ابن عمر قال: «إِحْرَامُ الْمَرْأَةِ في وَجْهِهَا وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ في رَأْسِهِ» رواه والبيهيقي والدارقطني.
    فالمرأة تكون في الحج في حال إحرامها كما في الصلاة تكشف وجهها وكفيها ، وهذا الحديث يبين أن المرأة بغير الحج لا تكشف وجهها ،إذ كيف سُمح لها برفع الحجاب عن وجهها في الحج إن لم تكن مأمورة به أصلاً ؟

    والحج كغيره من الفرائض فرض على البشرية جمعاء، كالصيام مثلاً، فقد فرض على الذين من قبلنا.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة (183).

    والحجاب وغيره من الشرائع السماوية فرضه تعالى على الذين من قبلنا أيضا، قال تعالى:{ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }سورةالشورى (13)
    لكن مع مرور الزمن تهاون الناس في هذه الفرائض شيئاً فشيئاً حتى تركوا أصولها وتغيّرت. فجاء الإسلام وأعاد الصيام والحجاب إلى ما كان عليه من الحق.
    كذلك الحج، فهو بالأصل لا يوجد فيه اختلاط بين الرجال والنساء.

    لقد كان يوجد وقت مخصّص لطواف الرجال مثلاً ووقت مخصّص لطواف النساء.
    وهذا حديث السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها يبين بالدليل القاطع ذلك إذ قَالَتْ: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا أَسْدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزَنَا كَشَفْنَاهُ» مسند الأمام أحمد (22894).

    إلا أنّه ومع مرور الزمن تهاون الناس من جديد في هذا الأمر، ولم يدركوا الحكمة العظيمة المنطوية وراء مناسك الحج، وكذلك الحكمة من الحجاب والفصل بين الرجال والنساء بالحج، ولعدم فهم الحكمة صار هذا الاختلاط الذي تراه في الحج.
    وكل من يذهب إلى الحج فهو ونيّته، فالله يكتب له أجره وينيله ثوابه وما هو أهله.

    إذن: لقد كان الحجاب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يشمل الرأس والوجه والجسم، وفيه فتحة عين واحدة تستطيع به الصحابية الكريمة أن ترى طريقاً في حال اضطرارها للخروج من منزلها وقد سمعنا أن الحجاب في المغرب مماثلاً للحجاب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أقصى المنى.
    والحقيقة أن أي حجاب يخفي المفاتن عن الأجانب ويحفظ من وقوع الفواحش هو حجاب شرعي تنال فيه المرأة المحجبة رضى الله تعالى وتنال الأجر الجزيل بسببه.

    علماً بأن لدينا في قرانا السورية من يتلففن بالشراشف فلا يبدو من مفاتنهن شيء، فهو أيضاً حجاباً شرعي مُرْضي.
    على كلٍّ تعددت الأسباب والحجاب الذي يمنع الفتن المحرمة هو المأمور به بنص القرآن الكريم .

    فلو نظِّم المجتمع في هذه الناحية تنظيماً يتفق والشرع الإلهي لكان مجتمعاً تقدمياً حقّاً...

    هذا البحث من ثنايا علوم العلامة الإنساني محمد أمين شيخو .

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 28 مارس 2024, 3:16 pm